للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلائل قدرته، وما أفاض عليهم، وعلى العباد من نعمه ومننه، فإن هم لم ينظروا فى هذه الآيات، ويهتدوا إلى الله، ويؤمنوا به، ويشكروا له، أخذهم الله بما أخذ به الضالين المكذبين قبلهم.. فهم ليسوا أول من كذب بآيات الله، وبهت رسل الله، وهم لن يخرجوا عن سنة الله التي خلت فى أخذ الظالمين بظلمهم، وإنزال البلاء بهم..

«كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ» .. فهؤلاء بعض المكذبين فى القرون الماضية، والأمم الغابرة، وقد علم المشركون أخبارهم، وما كان من أخذ الله لهم، ووقعاته فيهم.. ولهذا خصهم الله بالذكر..

ويلاحظ هنا أن فرعون ذكر وحده، دون قومه، وعدّ وحده مجتمعا قائما بذاته، إذ كان سلطانه ممكنا فى قومه، وكان قومه جميعا فى قبضة يده، فكفر قومه تبع لكفره، كما يقول سبحانه: «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ» (٥٤: الزخرف) .

وقوله تعالى: «كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ» أي أن هؤلاء الأقوام جميعا كذبوا رسل الله السابقين، كما كذب المشركون رسول الله محمدا..

وقوله تعالى: «فَحَقَّ وَعِيدِ» أي وجب عليهم وعيد الله ولزمهم.. ووعيد الله عذابه الذي توعد به المكذبين والضالين..

قوله تعالى:

«أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» ..

عادت الآيات لتكشف عن الآفة التي أفسدت على المشركين أمرهم، وباعدت بينهم وبين الإيمان بالله، والتصديق برسول الله.. وتلك الآفة هى استبعادهم

<<  <  ج: ص:  >  >>