أي أن الله سبحانه مع قربه هذا القرب المستولى على كيان الإنسان كله، ظاهرا وباطنا- فإنه سبحانه قد وكل بهذا الإنسان جنديين من جنوده، يتلقيان منه كل ما يصدر عنه، من قول أو فعل، فيكتبانه فى كتاب يلقاه منشورا يوم القيامة..
و «إذ» ظرف متعلق بقوله تعالى: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» - بمعنى أن الله سبحانه وتعالى أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وفى الوقت نفسه يقوم عليه جنديان من جنود الله، يسجلان عليه كل ما يقول، أو يفعل.. كما يقول سبحانه:«وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» . فكيف يكون للإنسان مهرب من الحساب والجزاء؟
قوله تعالى:
«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» - هو بيان شارح لوظيفة الجنديين القاعدين عن يمين الإنسان وعن شماله.. فهما واقفان للإنسان بالمرصاد.. ما يلفظ من قول إلا كان على هذا القول «رقيب» أي مراقب، يسمع ما يقال، ويسجله، وهو «عتيد» أي حاضر دائما لا يغيب أبدا.. وليس رقيب وعتيد، اسمين للملكين القائمين على الإنسان، الموكلان به، وإنما ذلك وصف لكلّ منهما، فكل منهما رقيب يقظ، حاضر أبدا..
قوله تعالى:
«وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» .
سكرة الموت: ما يغشى الإنسان ساعة الاحتضار، من غيبوبة أشبه