هذا الانتظار، وهو هذا النداء الذي ينادى به الموتى من قبورهم، فيخرجون من الأجداث سراعا.. فكأن الأمر بالانتظار يحمل فى مضمونه أمرا بالاستماع، فحسن فى مقام التهديد أن يقوم المحمول مقام الحامل، لأنه هو المراد..
وإما أن يكون الاستماع على حقيقته، ويكون معموله المسلط عليه محذوفا، تقديره «واستمع» ما سنحدثك به بعد، وأصخ إليه سمعك، فهو أمر عظيم، ينبغى أن يلقاه الإنسان بكيانه كله، حتى يعيه، وحتى لا يفوته منه أي شىء..
وعلى هذا يكون قوله تعالى:«يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ» - يكون هذا هو ما دعى النبي صلوات الله وسلامه عليه إلى الاستماع له.. ومفهوم هذا أن هناك يوما سينادى فيه المنادى من مكان قريب، وأن هذا اليوم هو اليوم الذي يسمع فيه الموتى هذا النداء، وذلك هو يوم الخروج من القبور الذي يكذب به المشركون..
ووصف المكان بأنه قريب- إشارة إلى أن كل إنسان سيسمعه، أيا كان مكانه، حيث يقع النداء فى أذن كل ميت، وكأن هاتفا يهتف به وهو قائم على رأسه..!