ومناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن اليهود الذين يكيدون للإسلام ويتربصون به، قد وجدوا فيما أصاب المسلمين يوم «أحد» مقالا يقولونه فيهم وفى أمداد السماء التي أمدهم الله بها يوم بدر، والتي عدّها اليهود مزاعم وأباطيل.. فلما كان ما أصيب به المسلمون فى يوم أحد، أظهر اليهود الشماتة، وأخذوا يلقون إلى أسماع المنافقين ومن فى قلوبهم مرض بالشكوك والريب فى أمر محمد ودعوته..
وهذا ما حدّث القرآن الكريم عنه فى الآية (١٢٠) قبل هذه الآية:
وقوله تعالى:«وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ» تذكير للنبىّ والمسلمين بغزوة أحد، وما كان فيها من أحداث، حيث أصيب المسلمون، وابتلوا فى أنفسهم، وكان فى هذا ما أشمت اليهود والمنافقين، وأطلق ألسنتهم بقالة السوء فى الإسلام، ونبى الإسلام، وهو ما حدّث عنه قوله تعالى:
«وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها» .
وفى غزوة أحد خرج النبي من أهله غدوة، أي مبكرا، ليلقى قريشا وجموعها التي أقبلت حتى أشرفت على المدينة، عند جبل «أحد» .. وهناك بوّأ النبيّ المؤمنين مقاعد للقتال، ووضع كل جماعة فى مكانها من المعركة.
وفى قوله تعالى:«وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» تذكير للمسلمين، وتحذير لغيرهم من المشركين والمنافقين، من قدرة الله على كشف ما فى الصدور، حتى لتصير الخواطر كأنها أصوات تسمع، أو كأنها مسطورات ترى وتقرأ.. فلا تخفى على الله خافية، مما يدور فى الصدور من خير أو شر.
وقوله تعالى:«إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا» هو من أنباء ما فى الصدور التي كشف عنها علم الله.