للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما أنعم الله به عليك بهذا الكتاب الذي بين يديك بكاهن ولا مجنون كما يتخرض بذلك المتخرصون، ويفترى المفترون، فيقولون فيك هذا القول الفاجر الآثم.. والكاهن: من يدعى التنبؤ بعلم الغيب، وبما سيقع فى مستقبل الأيام فالباء فى قوله تعالى: «بِنِعْمَةِ رَبِّكَ» - للسببية، كما فى قوله تعالى: «قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ» (١٧. القصص) .

قوله تعالى:

«أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» .

هو إضراب عن مقولات المشركين فى النبي، بأنه شاعر، أو كاهن، وانتقال إلى مقولة أخرى يقولونها فى النبي، وهو قولهم «شاعر» .. فهم يلقون بهذه الأباطيل من غير أن يقوم عندهم دليل عليها، وإنما هى رميات طائشة عمياء، يلقون بها بلا حساب أو تقدير.. شأن من يحارب عدوّا متوهما، فيرمى بكل ما يقع ليده إلى كل اتجاه، فرارا من هذا الخطر المتوهم، سواء أصابت هذه الرميات عدوّا، أم صديقا..

وقوله تعالى: «نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» هو أمنية من تلك الأمانى التي يعيش بها المشركون مع النبي، وتعلّة يتعللون بها، وهى أن ينتظروا به موتا يختطفه من بينهم، ويريحهم منه.. فتلك أمنية يتمنونها، ويعلقون آمالهم بها.

وقوله تعالى: «قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ» - هو ردّ على ما ينتظرون فى النبي من موت يريحهم منه.. «تربصوا» أي انتظروا: «فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ» أي منتظر لما تأتى به الأيام فىّ وفيكم.. فالأمر فى هذا على سواء بينهم وبينه، إذ للموت حكم واقع عليهم وعليه. والله سبحانه وتعالى يقول: «وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ؟» (٣٤: الأنبياء) ويقول سبحانه «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» (٣٠: الزمر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>