تقولونها؟ إن يكن أحد منكم فعل هذا، فليأت بحجة بين يدى دعواه تلك، وإلّا فهو الكاذب المفترى.. أما من يقول لكم هذا كلام الله أتلوه عليكم، وهذه رسالته أبلغكم إياها، ثم يقدم لكم مع قوله هذا، الدليل الناطق، والحجة الدامغة، فهو الصادق الأمين:«وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ»(١١٧: المؤمنون) .
قوله تعالى:
«أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ؟» .
وهذا سؤال اتّهام كذلك، لهؤلاء المشركين:
إذا كان قد صحّ لديكم أن الملائكة بنات الله، وأنكم إنما تعبدون بنات الله تقربا إلى الله، ليكونوا شفعاء لكم عنده- فهل نسبتكم البنات إلى الله، مما يتفق مع منطقكم الذي تعيشون به، والذي تقيمون فيه البنات عندكم على ميزان شائل، تخفّ به كفتهم إزاء كفة البنين، بل إنه لا يكاد يقام لهم ميزان أصلا عند كثير منكم؟ أفلا كان يقضى عليكم منطقكم هذا- إذا كنتم تريدون لله توقيرا- أن تجعلوا الملائكة- وقد نسبتموهم إلى الله نسبة بنوة- ذكورا لا أناثا، وبنين، لا بنات؟ وفى هذا يقول سبحانه:«وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى.. لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ»(٦٢: النحل) .