أيديهم، وتصل إليه قوتهم، كما يحاربون الشرك ويجاهدونه.. فإنه- أي الربا- ربيب الشرك، وثمرته البكر فى شجرته الخبيثة! فحيث كان شرك، كان ظلم، والربا هو أشأم وجوه الظلم. وعلى هذا، فإنه كما لا يجتمع إيمان وشرك فى قلب مؤمن، كذلك لا يجتمع إيمان وربا فى حياة المؤمن! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... (٢٧٨- ٢٧٩:
البقرة) ..
فانظر إلى قوله تعالى:«إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» وما فيها من تشكيك فى إيمان المؤمنين، ونزع تلك الصفة عنهم، والتي خوطبوا بها فى أول الآية، فى قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا..» وذلك إذا لم ينزعوا عن الرّبا، ويخلّصوا أنفسهم منه. ثم انظر بعد هذا فى قوله تعالى:«فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» تجد أنها حرب معلنة من الله ورسوله.. فيا للهول، ويا للبلاء!! وعلى من؟
على المؤمنين الذين آمنوا بالله ولكن بقي معهم الربا! إنهم إذن والمشركون سواء! يحاربهم الله ورسوله.. ويجاهدهم المؤمنون كما يجاهدون المشركين.
فالمعركة مع الربا والمرابين معركة فى صميمها مع الشرك والمشركين! ولهذا فقد أضيف الربا هنا إلى الشرك، ودخل فى حسابه.. وبهذا صارت معركته وجهاده جزءا من معركة الشرك، وجهاد المشركين.
وفى قوله تعالى:«لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً» قد يبدو أن النهى فى تحريم الربا، وفى درجه مع الشرك فى قرن واحد- إنما هو الربا الفاحش،