المعدّة للكافرين، هى معدة أيضا لآكلى الربا.. فمن لم يتق الله وينتهى عما نهى الله عنه من أكل الربا فهو مع الكافرين فى نار جهنم، يلقى ما يلقى الكافرون، من عذاب ونكال.. وهذا يلتقى مع قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(٢٧٨: البقرة) فمن لم يتق الله، ويتجنب الربا فليس بالمؤمن، ولا هو فى المؤمنين! وقوله تعالى:«وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» التفات إلى المؤمنين، ودعوة لهم إلى الطاعة العامة لله ورسوله، بعد أن أطاعوه فى ترك الربا..
وفى قوله تعالى «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» تذكير لهم بالرحمة التي يجب أن تملأ قلوبهم عطفا وبرّا بالنّاس، فلا يغتالوا أموالهم بالرّبا، ولا يأكلوها ظلما وعدوانا، فإنهم إن رحموا الناس، رحمهم ربّ الناس، وفى الأثر:«الراحمون يرحمهم الرحمن» .
قوله تعالى:«وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» . إثارة وإغراء بالمبادرة إلى طلب المغفرة من الله، باجتناب المحرمات، وعلى رأسها الكفر والربا.. فمن بادر بالتوبة، ورجع إلىّ الله من قريب، مستغفرا ربه، وجد ربّا غفورا رحيما يفتح له مع خزائن رحمته أبواب جنته وما فيها من نعيم مقيم.
وهذه الجنة التي وعد بها المتقون تسع النّاس، وأضعاف أضعاف الناس..
عرضها السموات والأرض.. يجد فيها المؤمنون والتائبون- مهما كثر عددهم- مكانا فسيحا، لا حدّ له، حيث يسرحون ويمرحون ما شاءوا..
فليخرس إذن أولئك المتنطعون والمتزمّتون، الذين يضيّقون من رحمة،