فى الأعمال السيئة.. وظلم النفس: يقع على كل مكروه ينالها من قبل صاحبها فيما يمسّ خاصة الإنسان من أذى، أو يتجاوزه إلى غيره من الناس.. فالزنا، فاحشة، والكفر ظلم! وكلّ من الأمرين ظلم وفاحشة معا..
فهذا الصنف من الناس إذا أصاب فاحشة أو ارتكب إثما، ذكر الله، وذكر عظمة الله وجلاله، وعلمه به، وفضله عليه، وذكر لقاء ربّه، ومحاسبته بين يديه.. فرجع إلى الله من قريب، تائبا مستغفرا- هذا الصنف من الناس معدود فى المتقين من عباد الله، إذ غسل الحوبة بالتوبة، وبعد عن الله ثم عاد إليه، واقترب منه.
وفى قوله تعالى:«وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ» إغراء للعصاة والمذنبين، بالتوبة والقبول إذا هم مدّوا أيديهم إليه، وطلبوا الصفح والمغفرة منه! وقوله تعالى:«وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» إشارة إلى ما تصحّ عليه توبة التائبين، وهو أنّهم إذا فعلوا المعصية لم يصرّوا على معاودتها، بل أخذتهم خشية الله، واستولى عليهم الندم.. وأقبلوا على الله تائبين مستغفرين..
وقوله تعالى:«وَهُمْ يَعْلَمُونَ» يفسح العذر للذين يأتون الفاحشة عن جهل، أو خطأ، كمن يشرب خمرا وهو يظنها غير الخمر.
وقوله تعالى «أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ» الإشارة هنا إلى جميع من ذكروا فى قوله تعالى: «وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ.. إلى قوله سبحانه: «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» فهؤلاء الذين جاء ذكرهم فى هذه الآيات الثلاث، هم من المتقين، وهم من الذين يتلقّون هذا الجزاء الحسن من الله..
جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها..
وفى قوله تعالى:«وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ» مدح وتمجيد لهذا الجزاء العظيم،