للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» ..

وهذا فرق آخر بين الجنتين العاليتين، وبين الجنتين اللتين دونهما، وذلك فى ثمار الجنتين، هنا وهناك.. فالجنتان العاليتان «فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ» ..

فهما يحويان كل فاكهة معروفة وغير معروفة، مما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر «مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ» .. وهاتان الجنتان الأخريان «فِيهِما فاكِهَةٌ.. وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ» إن فيهما فاكهة، ولكن لا على سبيل الشمول، كما فى وصف الجنتين العاليتين فى قوله تعالى: «فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ» .. ومن فاكهتهما النخل والرمان.. ومع أن ثمر النخل والرمان ليس أكرم الثمر ولا أطيبه، ولكنه إذا كان من ثمر الجنة، فهو من الطّيب والكرم، بحيث تعدل الثمرة منه فواكه الدنيا وثمرها جميعا..

قوله تعالى:

«فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» ..

أي فى هاتين الجنتين خيرات، ومع أن الخيرات مستغنية عن الوصف بذاتها، لأنها خيرات لا يجىء منها إلا كل ما هو خير، فقد وصفت بأنها حسان، تحقيقا لكمال الخيرية فيها، ومحضها للخير الخالص، وعزلها عن الخير الذي يشوبه شىء مما يكدّر صفوه، إذ كثيرا ما يشوب الخير ما ليس منه.. ولهذا كانت هذه الخيرات الحسان التي تطلع على أصحاب هاتين الجنتين- آلاء تحمد وتشكر، على أية صورة كانت عليها، وعلى أي وجه تجىء به، وحسبها أنها خيرات، وخيرات حسان!! يكرم الله سبحانه بها، المكرمين من عباده..

<<  <  ج: ص:  >  >>