للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا شأننا فيكم، أفلسنا بقادرين «على أن نبدّل أمثالكم» ونغير صوركم، ونخلقكم على صور غير تلك الصور التي أنتم عليها؟ أو لسنا بقادرين على أن نجعلكم فى صورة مخلوقات أخرى من تلك المخلوقات الكثيرة التي ترونها فى عالم الجماد، أو النبات أو الحيوان، أو فى صور أخرى مما لا تعلمونه من صور مخلوقاتنا فى الأرض أو فى السماء؟ فإن هذه النطف التي تتخلق منها الكائنات، الحية فى عالم الحيوان، هى ماء يشبه بعضه بعضا، ولكن الخالق المبدع يصوّر هذه النطف كيف يشاء.. «هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ..»

(٦: آل عمران) قوله تعالى:

«وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ؟» أي وإذا كنتم لا تعلمون النشأة التي كان من الممكن أن ننشئكم عليها، فقد علمتم نشأتكم هذه التي أوجدناكم فيها.. أفلا يكون لكم من هذا العلم ما يحدث لكم ذكرا، ويبعث فيكم طمأنينة إلى التسليم بالبعث بعد الموت؟

قوله تعالى:

«أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ؟» وهذه صورة أخرى، من صور الخلق، وأنه إذا كانت عملية خلق الإنسان مما تحتجب رؤيتها عن كثير من العقول المريضة، فهذه عملية إنبات النبات، وإخراج الحبّ من الأرض، على هذه الصور المختلفة من النبات والشجر.. إنها عملية مشهورة، ظاهرة، وتجربة تجرى من أولها إلى آخرها بين أيدى الناس، حيث يلقون الحب فى الأرض، ثم يجدونه بعد ذلك نباتا زاهيا، وشجرا باسقا..

<<  <  ج: ص:  >  >>