للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأين ما أعطى صاحب الحق من نفسه وماله، للحق الذي فى يده؟ وكيف تكون إثابة المحسن وجزاء العامل، إن لم يكن عمل وإحسان؟

إن العدل الإلهى يقضى بأن يجازى المحسن، ويعاقب المسيء..!

وفى مجال الصراع بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، يمتاز المحقّون من البطلين، وينعزل الأخيار عن الأشرار..

وإذا كانت معركة بدر قد دارت على تلك الصورة الفريدة بين المعارك، ليثبّت الله بها الراية التي ركزها للإسلام، فإن ما يستقبل المسلمون بعد ذلك من معارك لن يكون على تلك الصورة التي شهدوها يوم بدر، وأن عليهم أن يبلوا بلاءهم مع عدوّهم، وأن يستعينوا عليه بالصبر والتقوى. فذلك هو السلاح الذي وضعه الله فى أيديهم، والذي إن حاربوا به عدوّهم كتب الله لهم النصر، وإن قلّ عددهم، وتضاعفت أعداد قوى الشرّ المتصدية لهم!! هكذا ينبغى أن يعرف المسلمون ما يجب أن يكون عليهم أمرهم، وهم مقدمون على لقاء العدو، الذي جاءهم بكل غيظه وحنقه، ليثأر للهزيمة التي نقيها فى معركة بدر!! وها هم أولاء المسلمون يتأهبون للقاء المشركين، الذين جمعوا جموعهم، يريدون أن يقتحموا بها المدينة، ويدمروها على من فيها من المهاجرين والأنصار! ويستشير النبي أصحابه.. ويكثر القول، ويختلف الرأى، ثم يعلو الصوت القائل بلقاء العدو خارج المدينة، ويرى النبي الكريم أن يستجيب للأغلبية، وإن كان يرى خلاف ذلك، فيلبس لباس الحرب، ويضع لامته على رأسه، ويؤذن أصحابه بأنه خارج معهم إلى لقاء المشركين..

<<  <  ج: ص:  >  >>