للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر المقسم عليه فى ضمانة حقيقة من الحقائق الكبرى، حيث يعتدل ميزانه مع ميزانها فى مقام الإعظام والإجلال، بمعنى أنه لو احتاج هذا الأمر إلى قسم لما أقسم له إلا بهذه الحقائق العظيمة الجليلة، المناسبة لعظمته وجلاله.. فإن العظائم كفؤها العظماء، كما يقولون.

ومواقع النجوم، التي يلوّح بالقسم بها، قد تكون أفلاكها التي تدور فيها، وقد تكون منازلها التي تأخذها من النظام العام للفلك.. وعلى أي فإن النجوم حيث تكون هى كائنات عظيمة، وأن أي نجم منها- على ما يبدو من صغره- هو أكبر من شمسنا التي هى أقرب النجوم إلينا، والتي يبلغ حجمها مليونا وربع مليون من حجم الأرض! ولم يقع التلويح بالقسم على النجوم، بل على مواقعها، لأن مواقعها تشير إلى أكثر من أمر.. تشير إلى هذا البعد الشاسع الذي بيننا وبينها، والذي تبلغ المسافة فيه بيننا وبين بعضها ملايين السنين الضوئية!! وتشير هذه المواقع إلى المسافات التي بين هذه النجوم التي يبدو لنا بعضها مجاورا البعض.. فهذه المسافات التي تبدو متقاربة، هى فى الواقع ملايين من السنين الضوئية كذلك..

كما تشير هذه المواقع إلى أن النجوم ليست على علو واحد كما يبدو، وإنما هى فى أفلاك بعضها فوق بعض..

وعلى هذا، فإن النظر إلى مواقع النجوم يكشف عن النجوم نفسها، كما يكشف عن هذه العوالم الرحيبة التي تسبح فيها، تلك العوالم التي إن أمكن ضبطها بالأرقام العددية، وبالصور الحسابية، فإن الخيال لا يتسع لتصور أفق واحد من آفاق تلك العوالم التي تسبح فيها النجوم.

قوله تعالى:

«إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>