للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن الآية مكية، فى سورة مكية، تتضمن تقرير التوحيد، والنبوة والمعاد، وإثبات الصانع، والردّ على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود، من فرع عملىّ، وهو حكم مس المحدث المصحف «١» » .

هذا، ويتسع معنى «المطهّرين» التطهر عند لمس المصحف، وعند التلاوة منه، فهذا- وإن لم يمكن على سبيل الإلزام- أدب مع كتاب الله، وتوفير لكل ما يتصل به.

قوله تعالى:

«أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ» .

الإشارة هنا، إلى القرآن الكريم، وما تحدث به آياته عن قدرة الله سبحانه، وعن سلطانه القائم على هذا الوجود، وعن البعث والحساب والجزاء..

والاستفهام تقريرى، يراد به إقرار الكافرين بما عندهم من هذا الحديث الذي سمعوه، مما يتلى عليهم من آيات الله، وهل هم مصغون إليه، واقفون منه موقف الجد، وطلب العلم والفهم، أم أنهم مستمعون استماع المجامل الذي لا يعنيه شىء من مضامين هذا الحديث ومفاهيمه؟.

والمدهن، هو المداهن، الذي يصانع فى الأمور، ويلقاها بغير رأيه فيها، طلبا للسلامة، وتجنبا لما قد تجره إليه المكاشفة من متاعب ومكاره..

وهذا ضرب من النفاق، ووجه من وجوهه..

وقوله تعالى: «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ» - هو بيان لما ينتهى إليه هذا الموقف المداهن، وهو التكذيب بما يلقى إليه من هذا الحديث، الذي لا يعطيه أذنا، ولا يفتح له قلبا ولا عقلا..


(١) التفسير القيم لابن القيم ص ٤١٢ بتحقيق المرحوم الشيخ محمد حامد الفقى:

<<  <  ج: ص:  >  >>