للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فضل، فى هذا النّصر العظيم، الذي امتلأت به أيديهم يوم بدر.. وفى هذه الصورة التي ترتفع للمسلمين من معركة بدر، تهبّ عليهم ريح الطمأنينة، وتدخل على قلوبهم السكينة والأمن، فيلقون عدوّهم بعزم جميع، وإرادة مصممة على النصر، واثقة من عون الله وتأييده.

وفى تلك الحال التي تمتد فيها أبصار المسلمين إلى معركة بدر، وتتعلق عيونهم بالمشاهد الواردة عليهم من ذكرياتها- تمتلىء أسماعهم بما يتلو عليهم الرسول الكريم، مما يتلقى من آيات ربه: «بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ» .. ويستشعر المسلمون من كلمات الله هذه أنهم من الله على حال غير الحال التي كانوا عليها يوم بدر.. إذ قد جاء وعد الله بإمدادهم بالملائكة يوم بدر غير مشروط بشرط، بل هو وعد مطلق، لا بد من تحقيقه.. وقد تحقق.

أمّا هذا الوعد الكريم الذي يتلقونه من الله فى هذا اليوم- يوم أحد- فهو مشروط بشرطين: أن يصبروا، وأن يتقوا.. وتحقيق هذين الشرطين، شرط لتحقيق ما وعدوا به من النصر.

إذن فهم مطالبون بشىء جديد، من الصبر والتقوى، غير ما كانوا عليه يوم بدر، وغير ما هم عليه اليوم، من صبر وتقوى..

وإنهم لو أعطوا المطلوب من الصبر والتقوى، لوجدوا فى أنفسهم من روح الله، قوة تعدل خمسة آلاف من تلك القوى التي ساندتهم، وقاتلت معهم يوم بدر! ثم يستمع المسلمون بعد هذا إلى قوله تعالى: «وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» فيستشعرون أن تلك الأمداد العلويّة، لا تجىء إليهم من بعيد، وإنما هى شرارات

<<  <  ج: ص:  >  >>