للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والميثاق الذي أخذه الله سبحانه على الناس، هو فطرتهم التي أودعها فيهم، والتي يولد عليها كل مولود، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى!» (١٧٢: الأعراف) ..

فكل مولود يولد سليما معافى من داء الشرك والضلال، أشبه باللبن يخرج من الضرع.. وقد يتعرض هذا اللبن للعطب والفساد بما يعلق به من أفذار، وما يتخلّق من هذه الأقذار من جراثيم..

وفى الحديث الشريف: «كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ..

ودعوة الإسلام، هى دعوة إلى الفطرة، وإلى تطهيرها مما يكون قد علق بها من آفات.. «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها.. لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ.. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» (٣٠: الروم) ..

قوله تعالى:

«هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» ..

هو بيان لفضل الله على عباده، إذ يجدّد دعوته إليهم، ويدعوهم إلى توثيق الميثاق الذي نقضوه، بما ينزل على عبده محمد صلوات الله وسلامه عليه، من آيات بينات، ليخرجهم بها من الظلمات إلى النور، وليعيد إليهم فطرتهم التي أفسدوها.. وهذا من رأفة الله سبحانه بعباده، ورحمته

<<  <  ج: ص:  >  >>