للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ» .

هو معطوف على قوله تعالى: «أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ» - أي ألم يجىء الوقت الذي تخشع فيه قلوب هؤلاء المؤمنين المنحرفين، لذكر الله، وما نزل من الحق، وألا يكونوا كهؤلاء الذين أوتوا الكتاب من اليهود، الذين قست قلوبهم، فجفوا دينهم، وعبثوا بشريعتهم، وخرج كثير منهم جملة عن دينه وأحكام شريعته؟

وفى تشبيه هؤلاء المؤمنين المرتابين فى دينهم بأهل الكتاب من اليهود- إشارة إلى ما كان بين هؤلاء المؤمنين المنافقين، وبين هؤلاء اليهود من اجتماع على الكيد للإسلام، والتربص بالمسلمين.. وفى هذا ما يكشف هؤلاء المرضى من المؤمنين، وأنّ من ينضوى منهم إلى هؤلاء اليهود، أو يلقاهم بالمودة، وهم على هذا الكيد للمؤمنين، فهو من المنافقين، وإلا كان عليه أن يعتزل مجالس هؤلاء اليهود، وأن يقطع حبال الود التي بينه وبينهم، والله سبحانه وتعالى يقول: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً» (١١: الحشر) فهذا وجه بارز من وجوه النفاق، لا يجتمع مع الإيمان فى قلب مؤمن أبدا..

وليس القيد الوارد على حال أهل الكتاب فى قوله تعالى: «فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ» - ليس قيدا مشتركا بينهم وبين المنافقين وأشباه المنافقين من المؤمنين المخاطبين بهذه الآية، وإنما هو قيد خاص بأهل الكتاب الذين صاروا إلى تلك الحال من قسوة القلوب والفسوق عن دينهم، بعد أن تراخى الزمن بينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>