للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعا الله سبحانه وتعالى المؤمنين فى آية سابقة، إلى أن تكون مناجاتهم بالبر والتقوى، حيث يقول سبحانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» . (٩: المجادلة) فمناجاة المؤمنين بعضهم بعضا ينبغى أن تقوم على البر والتقوى.. فكيف إذن تكون مناجاتهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه؟ إنها حينئذ ينبغى أن تكون المناجاة الخالصة للبر والتقوى..

ولهذا جاء قوله تعالى:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً» والمراد بتقديم الصدقة هنا قبل مناجاة الرسول، هو أن يلقى المؤمن رسول الله على طهارة وتزكية بهذه الصدقة التي يقدمها.. فالصدقة مرضاة للربّ، مطهرة القلب، كما يقول سبحانه: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها» (١٠٣: التوبة) ..

وليس المراد بتقديم الصدقة هنا، أن توضع بين يدى النبي صلوات الله وسلامه عليه، وإنما المراد بها أن توضع فى يد من يستحقها من الفقراء والمساكين وابن السبيل..

وهذه الصدقة التي يقدمها المؤمن الذي يغشى مجلس الرسول، هى- كما قلنا- مطهرة لهذا المؤمن، وإعداد له كى يلتقى بالنبي الكريم، وينتفع بهديه، حيث يكون فى تلك الحال على قرب نفسىّ وروحى منه.. إن ذلك أشبه بالطهارة قبل الصلاة.. فالصلاة مناجاة لله سبحانه وتعالى، ودخول إلى ساحة مغفرته ورضوانه، والطهارة قبل الدخول فى الصلاة، هى التي تهيىء المؤمن

<<  <  ج: ص:  >  >>