من بينهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ»(٤٠: الحج) ويجوز أن يكون قوله تعالى: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ» .. جوابا عن سؤال يتردد فى خاطر النبي الكريم، بعد أن وضع الله سبحانه هذا الفيء بين يديه، وجعل ينظر فيما حوله إلى الفقراء الذين دعاه الله سبحانه إلى إعطائهم نصيبا من هذا الفيء.. فالفقراء كثيرون، فإلى من من هؤلاء الفقراء يمدّ يده بالعطاء؟
فكان جواب الله سبحانه وتعالى:«لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ... الآية» وفى إسناد فعل الخروج «أخرجوا» إلى غير الفاعل، إشارة إلى أنهم لم يخرجوا عن رغبة منهم فى الخروج، وإنما أخرجوا إخراجا بيد القهر والعدوان..
وقوله تعالى:«أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» هو تنويه بشأن هؤلاء المهاجرين الأولين، وأنهم إنما كانت هجرتهم لله ولرسوله، لا لابتغاء مغنم من مغانم الدنيا، أو متاع من متاعها! قوله تعالى:
«وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»«الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ» : هم الأنصار الذين استقبلوا المهاجرين فى مدينتهم، وهم الذين تبوءوا دار الهجرة، أي كانوا أهلها وسكانها قبل المهاجرين، وهم الذين تبوءوا الإيمان أي دخلوا فيه، وسكنوا إليه، واستظلوا بظله، قبل كثير من المهاجرين، لاكلّ المهاجرين.. وإنما عبر عن هذه الكثرة بما يفيد العموم فى قوله تعالى:«تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ» - تنويها بفضل الأنصار، وتغليبا لكثرة المؤمنين منهم على كثرة من آمن من أهل