للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «يوق» : أي يحفظ، ويحمى وشح النفس، بخلها، وحرصها.

وفى التعبير عن السلامة من شح النفس وبخلها وحرصها، بلفظ الوقاية منه- للإشارة إلى أن الشح عدو راصد، يتربص بالنفس الإنسانية فى أية لحظة يغفل فيها الإنسان عن حراسة نفسه منه، فإذا غفل الإنسان عن هذا العدو دخل على نفسه، واستولى عليها..

قوله تعالى:

«وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» الذين جاءوا من بعدهم، هم المؤمنون الذين يجيئون من بعد المهاجرين والأنصار، فى مختلف الأزمان والأوطان.. فالمؤمنون جميعا كيان واحد، وأنه إذا كان للمهاجرين والأنصار وضع خاص فى الإسلام، ومنزلة عالية فى المسلمين- فليس ذلك بالذي يعزلهم عن المؤمنين فى أي زمان ومكان، وليس ذلك بالذي يعزل أي مؤمن عنهم.. فالمؤمنون جميعا إخوة فى الله، ومجتمع واحد فى دين الله.. على امتداد الأزمان والأوطان.

والآية معطوفة على الآية السابقة: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ» والتي هى معطوفة على قوله تعالى: «أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» أي كما أن المهاجرين الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله- هم الصادقون فى إيمانهم، فكذلك مثلهم فى صدق الإيمان، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، وهم الأنصار.. وكذلك مثل هؤلاء وأولئك،

<<  <  ج: ص:  >  >>