الجامع، والحكمة المشرقة، وهذا من شأنه أن يجعل من أمة الإسلام- لو أنهم استجابوا لدعوة الله هذه- موطن العلم، ومعدن الحكمة، وأن تكون لهم أستاذية الإنسانية فى العلم وفى الحكمة.
وقوله تعالى:«وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» - هو بيان لحال العرب، حين جاءهم الرسول الكريم، يعلمهم الكتاب والحكمة. فقد كانوا قبله فى ضلال غليظ، وفى عمى مطبق، ومع ذلك استطاع هذا النور السماوي الذي حمله الرسول إليهم- أن يفتح به عيونا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فأبصروا من عمّى، وسمعوا من صمم، وفقهوا من جهل، وأصبحوا علماء حكماء.. وهذا يعنى أن الاتصال بكتاب الله، من شأنه أن يفيد منه كل إنسان، ولو كان أبعد الناس عن العلم والحكمة، شأنه فى هذا شأن الغيث، يبعث الحياة حيث كان موقعه، فى خصب أو جدب.
هو معطوف على «الْأُمِّيِّينَ» أي هو الذي بعث فى الأميين رسولا منهم، أي من العرب، وفى آخرين من الأميين، من غير العرب، وهم سائر الأمم الأخرى.
وهذا يعنى أن رسالة الرسول صلوات الله وسلامه عليه- وإن كانت للعرب أولا، فإن لغيرهم فيها نصيبهم منها، فهى رسالة عامة شاملة لكل الناس..
ثم إن هذا يشير من جهة أخرى إلى أن اليهود لا نصيب لهم فى هذه الرسالة لأنهم ليسوا من الأميين.. وهذا ما كشفت عنه الأيام، فقد دخل الناس الإسلام من كل أمة وجنس، وأما اليهود فلم يدخله منهم إلا نفر قليل.. على نفاق، وعلى كيد للإسلام.. فا آمن أحد منهم بالإسلام- مذ كان إلى اليوم- إيمانا خالصا من هوى، أو مبرّأ من غرض.