هذا فى حكم المطلقات طلاقا بائنا، أما من طلقن طلاقا رجعيا، فقد جاء حكمهن فى قوله تعالى:«لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» .
فالمطلقة طلاقا بائنا، لها- إلى أن تنقضى عدّتها- السكنى، خارج بيت الزوجية، ولا نفقة لها ولا كسوة، ولا يتوارثان.. وأما إن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن، حتى تضع حملها، وبذلك تنقضى عدتها.. كما يفهم من قوله تعالى:«وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» فدل ذلك على أن النفقة واجبة للمطلقة طلاقا بائنا، إذا كانت حاملا، أما غير الحامل فقد جاء الأمر بسكناها دون النفقة عليها.
هذا، وقد اختلف فى النفقة للمطلقة ثلاثا قبل انقضاء عدتها، فقال أكثر العلماء، لها السكنى ولا نفقة لها، وقال آخرون، لها السكنى والنفقة، لأنها محبوسة على الرجل لحقّه عليها، حتى تنقضى عدتها، فاستحقت النفقة كالزوجة..
وهذا رأى أبى حنيفة، استنادا إلى قوله تعالى:«وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» ، وترك النفقة من أكبر الأضرار..
ونحن نميل إلى هذا الرأى القائل بوجوب النفقة للمطلقة طلاقا بائنا، وذلك أولا: أن الأمر بإسكانهن، من غير نفقة عليهن، أشبه بالحبس، بل إنه الحبس خير منه، لأن المحبوس فى جريمة، يقدم له الطعام والشراب! وثانيا: لا يتفق مع روح الشريعة السمحاء أن تلقى بالمرأة بعد الطلاق، فى