إلى صفحة من صحف الوجود، التي يمكن أن يرتادها النظر، وأن يقرأ فيها العقل آيات من قدرة الله وإحكام صنعته..
فالسماء الدنيا، هى أقرب سماء إلينا، وهى المطلّة على الأرض التي نعيش عليها..
وإن العين- أي عين- لترى فيها مصابيح تزينها، وتنتثر على صفحتها كأنها اللآلئ.. ومن هذه السماء الدنيا تنطلق رجوم وشهب ترمى بها الشياطين، التي تتطاول إلى هذه السماء، وتحاول الاتصال بالملأ الأعلى.. فالضمير فى قوله تعالى:«وجعلناها» يعود إلى السماء. أي وجعلنا من عالمها رجوما للشياطين..
ويجوز أن يعود الضمير إلى المصابيح، وفى هذا يقول سبحانه:«إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ»(٦- ١٠ الصافات) .
وفى هذا إشارة إلى أن للعقل حدودا، ينبغى أن يقف عندها فإن تجاوز حدوده، رمى بشهب من الشكوك، فاحترق بنارها، كما يحترق الشيطان الذي يصعّد فى السماء، ويجاوز الحدود التي تحتملها طاقته.. وليس فى هذا حجر على العقل فى الانطلاق إلى أبعد مدى، ولكن ليكن على حذر من أن يضلّ، ويتوه، أو يغرق فى عباب هذا المحيط العظيم.
قوله تعالى:
«وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ» - هو وعيد للشياطين، وأنه إذا لم يرجم بعضهم بتلك الرجوم القاتلة فى الدنيا، فإنهم جميعا على موعد مع عذاب السعير، الذي أعده الله سبحانه وتعالى لهم، فى الآخرة.
فقوله تعالى:«وَأَعْتَدْنا لَهُمْ» - إشارة إلى أن هذا العذاب حاضر