للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي إن النبي ومن معه، هم فى مقام العبودية لله، كسائر الناس جميعا.. إن آمنوا بالله، وأحسنوا العمل، غفر الله لهم، وأنزلهم منازل المكرمين.. ولهذا جاء قوله تعالى إلى النبي الكريم، بإعلان هذا الايمان بالله فى وجه الكافرين، ليكون لهم من ذلك علم بأن النبي ليس خارجا عن هذه الدعوة التي يدعوهم إليها، وأنه عبد الله مؤمن به، متوكل عليه.. وتلك هى سبيل المؤمنين معه..

فهل يؤمن الكافرون بالله؟ وهل يأخذون الطريق الذي أخذه النبي وأصحابه؟:

«فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ» (١٣٧: البقرة) .

قوله تعالى:

«قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ» هو تهديد للكافرين بأن يسلط الله تعالى عليهم البلاء فى الدنيا، وأن يرميهم بالمكاره، وأن ينزع عنهم نعمه التي يعيشون فيها.

فلو أن الله سبحانه ذهب بهذا الماء الذي هو قوام حياتهم، وحياة حيوانهم ونباتهم، فمن يأتيهم بجرعة ماء منه؟

وغور الماء: هو ذهابه غائرا فى الأرض، أي منسربا فيها، ضائعا فى بطنها.

والماء العين، هو الماء الذي يفيض من العيون..

وفى الآية الكريمة إشارة إلى النبي الكريم، وإلى القرآن الذي بين يديه، أنه هو الحياة التي منها حياة القلوب والنفوس، وأنه لو ذهب هذا النبي- كما يتمنون- لكان فى هذا هلاكهم، وضياعهم، بذهاب مصدر الهدى والنور لهم. إنه لن يأتيهم نبى بعده، ولن ينزل عليهم من الله كتاب بعد هذا الكتاب، الذي إن فاتهم حظهم منه، فقد فاتهم ماء الحياة، وغذاء الأرواح.

<<  <  ج: ص:  >  >>