الشيء: وجب.. ووقع، فالحاقة لغة، بمعنى الواجبة، والواقعة.. أي الواجبة الوقوع.. وهذا يعنى أنها شىء سيقع حتما.. أما ما صفة هذا الشيء الذي سيقع، وما صورته فى العقول- فهذا شىء لا يمكن أحدا أن يدرك وصفه، أو يتمثل صورته.. إنه شىء مهول لم يقع للناس شىء مثله، فكيف يستقيم له تصور فى أفهامهم؟
وجواب السؤال عن الحاقة فى قوله تعالى:«مَا الْحَاقَّةُ» يمكن أن يكون هو قوله تعالى «كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ» .. كما سنتعرض لهذا بعد قليل، ويمكن أن يكون السكوت عن الجواب هو الجواب، لأن الذين كفروا لا يستمعون إلى هذا الجواب، ولا يؤمنون به، كما فعلت ذلك عاد وثمود..
وإذن، فخير جواب على هؤلاء السائلين المتعنتين، هو عدم الردّ عليهم، وتركهم فى بلبال وحيرة.
قوله تعالى:
«كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ» .
يمكن أن يكون هذا- كما قلنا- جوابا للتساؤل عن «الحاقة» ..
وهو جواب من الله سبحانه وتعالى، بعد أن نفى عن النبىّ إمكان الإجابة عليه.. كما يمكن أن يكون استئنافا يراد به التعقيب على هذه التساؤلات عن الحاقة..
وفى هذا الجواب تشنيع على فعلة ثمود وعاد، وتكذيبهم بالقارعة.. فكأن التكذيب بالقارعة، يضاهى الحاقة نفسها، فى هو لها الذي لا تتصوره العقول، وكأنّ الجواب هو: كذبت ثمود وعاد بالحاقة التي هذا شأنها.. و «القارعة» كائن مجهول أيضا، كالحاقة..