فى أيام حياتكم الدنيا، من صالح الأعمال.. «إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً» . (٢٢: الإنسان) قوله تعالى:
«وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ» ..
هذا هو الوجه المقابل لأصحاب اليمين، وهم أصحاب الشمال..
وقد جاء بهم النظم القرآنى أفرادا لا جماعات، كما جاء بأصحاب اليمين أفرادا كذلك، لأن الحساب يوم القيامة، إنما يقوم على هذا الوجه، وهو أن يحاسب كل إنسان بما عمل، كما يقول سبحانه:«وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً»(٩٥: مريم) ..
فكل من أوتى كتابه بشماله، يلقاه هذا الكتاب بالحكم المحكوم به عليه، وهو أنه من أصحاب النار، فلا يكاد يقع ليده حتى يستبد به الهلع والفزع، ويركبه جنون الهول، فيظل يهدى، ويعوى، حتى تتقطع أنفاسه..
«يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ» .. فلقد كان الأمر مستورا عنه قبل هذا الكتاب، فلما جاء الكتاب طلع عليه بهذا البلاء المبين..
فلقد عرف حسابه، وإنه لحساب خاسر، يهوى به إلى عذاب السعير..!!
وأين المفر؟ إنه لا مفر إلا بالموت.. «يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ» .. ولكنها أمنية لن تتحقق أبدا.. فما أقسى الصبر على هذا البلاء، وما أشد الوقوع فى هذه المحنة التي يشتهى الموت فرارا منها!!
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ... وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا