التفسير: هذه مواجهة أخرى للمؤمنين الذين شهدوا أحدا، ورأوا ما أصيبوا به فى أنفسهم وفى إخوانهم هناك، ثم ما وقع فى نفوسهم من وساوس وظنون، كلّما خبت جذوتها، وبردت نارها، نفخ فيها المنافقون، والكافرون، فازداد ضرامها، وتسعّرت نارها..
وفى هذه المواجهة يجد المؤمنون عتابا رقيقا من الله، وعودا باللائمة عليهم فيما وقع لهم.. كما يجدون فيما بين العتاب واللوم عزاء وتسرية.
فإذا كان المسلمون قد أصيبوا يوم أحد، فقد كان لهم فى عدوهم الذي رماهم بما أصيبوا به، نكاية وجراحات فى يوم بدر ضعف ما أصابهم به فى يوم أحد.. «وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ» .
وإذن فلا يصح للمسلمين أن يقفوا بنظرهم عند ما أصيبوا به، دون أن يمتد هذا النظر إلى ما كان لهم فى عدوّهم، وهنا يستقيم النظر على الواقع كله، فيرون أنهم أرجح كفّة، وأربح صفقة.. وإذن فما ينبغى لهم أن يعجبوا، وأن ينكروا هذا الذي حدث لهم، ويقولوا:«أنّى هذا؟» تلك القولة التي يكادون يهلكون بها أنفسهم وما اشتملت عليه من إيمان.
ثم إنه إذا صح للمسلمين أن يعجبوا ويستنكروا هذا الحدث، فليكن ذلك مقصورا على ذات أنفسهم وحدها، بمعزل عن الدّين الذي آمنوا به وأضيفوا إليه! فإنه إذا كان ثمة خلل فى جماعة المسلمين مكّن لعدوّهم أن ينال منهم ما نال،