وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعلى كرم الله وجهه، وقد عرض نفسه لينازل عمرو بن ودّ يوم الخندق، وقد تهيبه المسلمون يومئذ.. فقال صلوات الله وسلامه عليه- لعلىّ كرم الله وجهه-: «إنه عمرو!!» فقال علىّ:
«وأنا على!!» .
وسميت «لظى» لتلظّى لهيبها، وتأججه، وزفيره وشهيقه.
«نَزَّاعَةً لِلشَّوى» حال من أحوال «لظى» .. وصاحب الحال «لظى» ، وهى معرفة، لأنها واحدة فى بابها، وعلم مفرد فى صفاتها وأفعالها..
والشوى: الأصراف، كاليدين، والرجلين.
وفى قوله تعالى:«نَزَّاعَةً لِلشَّوى» إشارة إلى أن أول ما تحدثه النار فى الكائن الحىّ الذي يشوى بها، هو انخلاع أطرافه.. وهذا يعنى أن يفقد المعذّب بالنار القدرة على الحركة، إذا انفصلت عنه رجلاه اللتان يتحرك بهما، كما يفقد القدرة على الدفاع عن نفسه بيديه بعد أن عجز عن الفرار، إذ قد انخلعت عن جسده هاتان اليدان.. وهكذا يصبح كتلة مستسلمة للعذاب، مقيدة بقيد العجز المطلق..
وقوله تعالى:
«تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى» .. حال أخرى من أحوال لظى، وأنها تدعو إليها من أعرض عن الإيمان بالله، وأعطى ظهره لدعوة الحق.. فكأنها يدعوتها تلك إنما تستقبل من أقبل عليها، وولى وجهه نحوها، حين أعرض عن الإيمان بالله، وكما تستقبل من أعرض عن الإيمان- تستقبل من جمع المال وأوعاه أي وضعه فى وعاء، وضمن به عن الإنفاق فى وجوه الخير، والإحسان..
وفى الجمع بين الإعراض عن الإيمان بالله، والإمساك عن الإنفاق فى سبيل