«ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً» .. أي كما أنبتكم الله تعالى من الأرض، يعيدكم إلى الأرض، كما يعود إليها النبات، بعد أن يستوفى حياته فوقها.. ولكن لن تظلوا هكذا فى التراب، كما يظل النبات الذي عاد إليها، بل تخرجون منها مرة أخرى، إلى حياة غير حياتكم الأولى.. إلى الحياة الآخرة، وإلى الحساب والجزاء..
أي أن الله سبحانه قد جعل لكم هذه الأرض بساطا، أي مقاما ممهدا، كالبساط، تستقرون عليه، وتتحركون فوقه، من غير أن يحجزكم حاجز، أو يعوقكم عائق.. وبهذا تستطيعون أن تتحركوا على الأرض كما تشاءون، وأن تنطلقوا إلى أي اتجاه تريدون، حيث تتسع أمامكم وجوه الحياة، والتقلب فى وجوه الرزق..
والفجاج: جمع فجّ، وهو الطريق المتسع بين جبلين..
وهذا يعنى أن هذه السهول الممتدة بين الجبال، هى طرق، ومسالك للعمل فى الحياة، وللتغلب فى وجوه الأرض..
قوله تعالى:
«قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً» شكاة ضارعة من نوح إلى ربه، يشكو فيها قومه، الذي أصمّوا آذانهم عنه، وأعرضوا عن الاستجابة له، على حين أنهم استجابوا لمن يدعونهم إلى الغواية والضلال، من أولئك الذين لا يزيدهم ما يمدهم الله به من نعمه، وما يزدادون