وفى مقابل نقمة نوح على الكافرين والضالين، تتفتّح عواطف الرحمة والحنان كلها فى قلبه، فيحيلها دعوات ضارعة إلى الله بالمغفرة له، ولوالديه، ولمن دخل بيته مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات..
ومن دخل بيت نوح مؤمنا، هم أهله، إلا امرأته، وابنه، أو هم الذين دخلوا معه دين الله، أو دخلوا معه السفينة.. ويكون دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات- على هذا المعنى- متجها إلى أهل الإيمان جميعا، فى كل زمان ومكان..
وقوله تعالى:«وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً» .. هو بقية من المرارة والألم الذي كان يجده من قومه، والذي لم يذهب به كل ما دعا عليهم به من مهلكات، فلم ينس وهو يطلب لنفسه ولوالديه، وأهله، وللمؤمنين والمؤمنات الرحمة والمغفرة من الله- لم ينس أن يجعل خاتمه دعائه، أن يرمى القوم الكافرين بآخر سهم معه، حتى بعد أن صاروا جثثا هامدة..
والتباب: البوار، والهلاك، والبعد عن كل خير.. ومنه قوله تعالى:
«تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ» ..
هذا، وقد يبدو أن هذا الموقف الذي وقفه نوح من قومه، فيه جفاء لهم، وغلظة عليهم، وأنه لم يأس على هلاكهم، ولم تعطفه عليهم عاطفة