للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دار إلى دار.. من دار الفناء والزوال إلى دار البقاء والخلود، ومن عالم التكليف والابتلاء، إلى عالم الحساب والجزاء..

ومن أجل هذا يستخفّ المؤمنون بالموت، ولا يكبر عليهم خطبه، لأنهم ينظرون إلى الحياة الخالدة بعده، ويعملون لها، ليسعدوا فيها، ولينعموا بنعيمها المعدّ لعباده الله الصالحين.

أما غير المؤمنين بالله، فإنهم لا يؤمنون باليوم الآخر، ولا يعتقدون أن وراء الحياة الدنيا حياة، وأنهم إذا ماتوا صاروا إلى تراب وعدم..

ولهذا يشتد حرصهم على الحياة، ويعظم جزعهم من الموت، إذ كان العدم- كما يتصورن- هو الذي ينتظرهم بعده.. فتتضاعف حسرتهم على من مات منهم، ويشتد حزنهم عليه، لأنهم- حسب معتقدهم- لا يلتقون به أبدا!! هذه هى الحقيقة.. الأموات جميعا، ليسوا بأموات على الحقيقة، وإنما هم أحياء فى العالم الآخر..

ولكن القرآن الكريم لم يكشف هذه الحقيقة كلها، ولم يظهر منها إلا ما يملأ قلوب الكافرين والمنافقين حسرة وألما، وإلّا ما يبعث فى قلوب المؤمنين العزاء والرضا، إذ ينظر هؤلاء وأولئك جميعا إلى قوله تعالى:

«وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً، بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» فيجدون هؤلاء القتلى أحياء فى العالم العلوي، يرزقون من نعيمه، ويطعمون من طيباته: «فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» .

فهؤلاء القتلى الذين ينظر إليهم المشركون والمنافقون نظر شماتة وتشفّ، على حين ينظر إليهم إخوانهم وأحبابهم نظرة حزن وأسى لهذه الميتة التي ماتوا عليها- هؤلاء القتلى قد أشرفوا على الدنيا من عليائهم، ينعمون بما أتاهم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>