إننا قبل أن نلتقى به فى مجلس القرآن، شاهدنا إرهاصات عجيبة، تنبىء بأن حدثا عظيما قد حدث فى هذا الوجود، وأن آثار هذا الحدث لا بد أن يكون لها شأن بهذا العالم الأرضى، وما يعيش فيه من جن وإنس.. وذلك أننا لمسنا السماء، كما اعتدنا أن نلم بها من قبل، ونستطلع أنباءها، فوجدناها قد ملئت حرسا شديدا من الملائكة، وشهبا راصدة يرمون بها كل من يدنو من مشارف السماء.. وهذا أمر لا بد أن يكون له ما بعده!! وها نحن أولاء قد عابنّا ما بعد هذا الأمر، فى هذا الرسول، وفيما بين يديه من آيات الله..
أي وأننا كنا نصعّد فى السماء، ونتخذ هناك مقاعد نستمع فيها إلى ما يجرى فى الملأ الأعلى، وذلك قبل مبعث هذا النبي.. أمّا الآن فإن من يحاول أن يستمع منا، يجد شهابا رصدا برمى به قبل أن يبلغ المجلس الذي اعتاد أن يتخذه من قبل..
قوله تعالى:
«وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً» أي ولقد حرنا فى تأويل هذا الحدث، وعجزنا عن أن نجد التعليل الصحيح له، وللأحداث التي تنجم عنه، وهل هذا شرّ يراد بمن فى الأرض من جنّ وإنس، أم هو خير لهم.؟. إن الأيام هى التي ستأتى بتأويل هذا..
وها نحن أولاء نشهد عناد المشركين، وتصدّيهم لدعوة رسول الله، وتكذيبهم لما جاءهم به من عند الله، فهل سيمضون فى طريقهم هذا، فتكون عاقبتهم أن يدمر الله عليهم كما دمر على المكذبين برسل الله قبلهم، أم أنهم سيراجعون أنفسهم، ويرجعون إلى عقولهم، فيؤمنون بالله، ويهتدون بهذا