وأقسط، فهو مقسط: أي عدل، واستقام.. ومنه قوله تعالى:
«وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»(٩: الحجرات) وقوله تعالى: «فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً» هو تعقيب من الجن، أو من المؤمنين، أو من الوجود كله.. على هذا الخبر الذي أخبر به الجن عن أحوالهم.. وأن الذين أسلموا وجوههم لله، وآمنوا بالله ورسوله، والكتاب الذي أنزل على رسوله- قد تحروا رشدا، أي اختاروا طريق الهداية والرشاد، وأنهم تعرفوا إليه بعد نظر الاستدلال.
فالمسلمون قد تخيروا طريق الأمن والسلامة، ولن تكون خاتمتهم إلا الأمن والسلامة..
وأما الحائدون عن طريق الإسلام، الذين ركبوا طرق الضلال، فهم حصب جهنم وحطبها..
وقد فرق النظم القرآنى بين الحالين، فجاء على غير أسلوب المقابلة التي يقتضيها نظم كلامنا نحن البشر.. ولو جاء النظم على أسلوب المقابلة، لكان هكذا:
«فمن أسلم فأولئك لهم الجنة، وأما من كفر فأولئك هم أصحاب النار» أو جاء فى صورة أخرى هكذا:
«فمن أسلموا فقد اهتدوا وشدوا، وأما من كفروا فقد ضلوا وخسروا..»
ولكن هذا كلام الله المعجز، المتحدى للإنس والجن أن يأتوا بمثله! فالذين أسلموا قد اختاروا طريق السلامة بعد بحث ونظر.. وقد يؤدى بهم هذا الطريق إلى الجنة أو لا يؤدى، لأن دخول الجنة أمر لا يملكه أحد،