للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى واحد، هو أن الله سبحانه علم أنكم لن تقدروا على إحصاء الليل وتحديد مواقيته، ومعرفة متى يكون ثلث الليل أو نصفه، أو ثلثاه؟ .. أما النهار فإنه من الممكن ضبط أجزائه، ولهذا عاد الضمير فى «تحصوه» على الليل وحده دون أن يعود عليه هو والنهار.. هكذا يقولون!! وهذا المعنى الذي يذهب إلى معنى العجز عن إحصاء أجزاء الليل- وإن كان له مفهوم وقت نزول القرآن، حيث لم تكن هناك المقاييس الزمنية المعروفة اليوم، كالساعة ونحوها، فإن هذا المفهوم الآن غير واقع.. والقرآن الكريم حكم قاض بالحق المطلق، وشاهد ناطق بالصدق المصفّى، أبد الدهر..

«لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» .. ثم إن إحصاه الليل، وتقدير وقته، من الممكن أن يتحقق حتى فى زمن نزول هذه الآية، وذلك برصد النجوم، وتحديد منازلها، وقد كان العرب على علم بهذا، وأنّ نظرة من أحدهم إلى مواقع النجوم فى السماء، كان يعرف بها أين هو من الليل؟ وماذا ذهب منه؟ وماذا بقي..؟

ومن إعجاز القرآن الكريم أنه يتسع لمفاهيم الحياة كلها فى كل زمان ومكان.. وعلى هذا يمكن أن بتوارد على قوله تعالى: «عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ» أكثر من مفهوم، وكل مفهوم، منها يسدّ حاجة الناس فى عصرهم، وما بلغته مداركهم من العلم.

وعلى هذا يكون قوله تعالى: «وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» خبرا عن الله سبحانه وتعالى، ويكون قوله تعالى: «عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ» خبرا ثانيا أي والله يقدر الليل والنهار، والله علم أن لن تحصوه أي تبلغوا حق الثناء عليه.. ويجوز أن يكون قوله تعالى: «وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» صلة لموصول محذوف، هو

<<  <  ج: ص:  >  >>