وهذه حال تمثل أهل الضلال أصدق تمثيل، إنهم وهذه الحمر المستنفرة على سواء.. ففى طبيعتهم نفور ملازم كل دعوة إلى خير، وهم دائما يتبعون أول ناعق يدعوهم إلى النفور من وجه الحق..
وشبه القرآن بالقسورة، لما للقسورة من هيبة، تملأ القلوب، وتملك المشاعر.. ثم هو إلى مهابته وسطوته، بعيد عن الدنايا، عف عن القذر لا يأكل الميتة، ولو مات جوعا..!
ولم يسمّ القرآن الأسد أسدا، وإنما سماه «قسورة» ، ليكسوه بهذا الاسم ذى الجرس الموسيقى القوى هيبة إلى هيبة، وعظمة، إلى عظمة، الأمر الذي لا يحققه لفظ أسد، الضامر، المبتذل على الأفواه لكثرة تردده.
هو إضراب عن دعوتهم إلى ترك الإعراض عن القرآن، حتى يكون لهم منه ذكر وموعظة..
وكلّا فإنهم لا يستجيبون لهذه الدعوة، لأن كلّا منهم يريد أن يكون له كتاب من عند الله، كهذا الكتاب الذي يدعوهم إليه رسول الله..
وهذا ما يشير إليه سبحانه فى قوله على لسانهم:«وقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ»(١٣٤: الأنعام) .. وهذا جهل وغباء لا يستقيم إلا على منطق الحمر! قوله تعالى:
«كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ» .
أي أنهم لن يؤتوا هذه الصحف أبدا.. وأنهم لا يؤمنون بالآخرة أبدا،