أن الإنسان يغالب قوة متحدية لإرادته وهى الفطرة المودعة فيه، فلا يملك لها دفعا إلا بالمراوغة والاحتيال وهذا المعنى هو الذي قصد إليه مجنون ليلى بقوله:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثّل لى ليلى بكل سبيل
وقوله تعالى:
«يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ» هو أثر من آثار إرادة هذا الإنسان، الذي يقيم العلل، والمعاذير، بينه وبين اليوم الآخر.. فهو يسأل سؤال المنكر، المستهزئ: أيان يوم القيامة؟ أي متى يكون يوم القيامة هذا؟ وهو سؤال اتهام لهذا اليوم، وتكذيب لمن يتحدث به، أو عنه.
قوله تعالى:
«فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ» هو الجواب على هذا السؤال المستهزئ، الذي سأله هذا الشقي، منكرا ليوم البعث، مستهزئا به! وقد جاء الرد عليه بيوم القيامة كله، وبما يطلع به على الناس، من شدائد وأهوال.. إن الجواب لم يحدد الوقت الذي يجىء فى هذا اليوم.. إذ ليس المهم متى يجىء؟ وإنما المهم هو ماذا أعد الإنسان له يوم مجيئه؟ وماذا يلقى المكذبون والمضلون فيه من هذه الأهوال التي تطلع عليهم في هذا اليوم، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى:«فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ» أي جمد فلم يطرف، للهول الذي يراه من أحداث هذا اليوم..