(٤٥- ٤٦: الأحزاب) .. فهو- صلوات الله وسلامه عليه سراج منير، وهو نور هذا السراج كما يشير إليه قوله تعالى:«قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ»(١٥: المائد) قوله تعالى:
«ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ» ..
هو تطمين للنبى- صلى الله عليه وسلم- بأنه لن يفوته شىء مما تجلّى عليه من آيات الله، وما قذف الله سبحانه وتعالى فى قلبه من معانيها، التي كان يريد النبي أن ينطق بها، ويصورها كما وقعت له.. فليقف النبىّ إذن عند حدود الألفاظ التي يلقيها عليه جبريل، وإن كانت هذه الألفاظ لا تكشف كل ما وقع فى قلبه من معنى، فإنه مازال الوحى يتنزل، وما زالت آيات الله تجىء بتفصيل ما أجمل من أحكام، وأحداث، وقصص.. ولعل هذا هو السر فى العطف بالحرف «ثمّ» التي تفيد التراخي، حيث إن البيان إنما تمّ فى زمن متباعد، ينتظم فترة الوحى كلها، من مبدأ أول آية نزلت إلى أن تم نزول القرآن كله.
فمثلا قصة موسى مع فرعون.. جاءت أولا فى كلمات معدودة، وفى صورة مصغرة جدا، مثل قوله تعالى:«وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ، الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ»(١٠- ١٣: الفجر) .