أي ومن نعيم الأبرار فى الجنة، أنه يطاف عليهم فيها بأوان من فضة، قد ملئت بألوان النعيم، من مأكول ومشروب، كما يطاف عليهم بأكواب لم ترها عين فى الحياة الدنيا، فهى أكواب من فضة، ولكنها فى شفافية الزجاج، حتى ليحسبها الرائي قوارير، أي زجاجا.. والواقع أنها من الفضة، والفضة مهما رقّت لا تشفّ أبدا، فلو استطاع صانع أن يصنع من درهم فضة إبريقا، أو دلوا، لما شف هذا الإناء عما فى داخله كما يشفّ الإناء من الزجاج..
وقوله تعالى:«قَدَّرُوها تَقْدِيراً» .. الضمير فى قدروها يعود إلى السقاة الذين يطوفون بتلك الآنية، وهذه الأكواب.. وأنهم جعلوها بمقادير وأحجام مقدرة بحسب طلب كل طالب.. كما يصح أن يعود هذا الضمير على الشاربين، وأنهم إذا رغبوا فى الشراب انتصبت فى الحال بين أيديهم تلك الأكواب، فكانت على قدر ما رغبوا.
ومما يساق إلى الأبرار من نعيم، أنهم يسقون فى هذه الأكواب- التي أصبحت بالشراب كأسا- يسقون كأسا قد امتزج فيها طعم الزنجبيل بمذاق الخمر..
والزنجبيل: عروق نبات تمتد فى الأرض، نقيعه حرّيف الطعم، يكون أشبه بالتفكهة لشارب الخمر..
فالضمير في «فيها» من قوله تعالى: «يُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً» يعود إلى تلك الأكواب التي هى قوارير من فضة..
فالأكواب، وصف لكئوس الشراب وهى فارغة، والكأس مسمّاها وهى ملأى بالشراب..