للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شىء، وتنفذ مشيئنهم فى كل شىء؟ إن خطرات النفوس، وهمسات الخواطر- أيّا كانت هذه الخطرات، وأيّا كانت هذه الهمسات- تتمثل لهم واقعا حاضرا بين أيديهم، قبل أن يكتمل ميلاد الخطرة، أو تتشكل صورة الهمسة!! فمن فى هذه الدنيا بلغ من نفوذ سلطانه معشار هذا السلطان؟

وتاء الخطاب فى قوله تعالى: «إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ» وفى قوله سبحانه:

«وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ» - هو لكل مستمع لهذه الآيات، أو تال لها، وفى هذا ما يبعث أشواقه إلى الجنة، ويشدّ عزمه على العمل لها، ليكون من أهلها، المنعمين بنعيمها، لا أن يكون من المشاهدين لهذا النعيم من بعيد، كما يشهد أصحاب النار أصحاب الجنة!! وهذا عندنا- والله أعلم- أولى من القول بأن هذا الخطاب للنبى صلوات الله وسلامه عليه..

فالنبى- صلوات الله وسلامه عليه- مخاطب بالقرآن كله، ثم إنه- صلوات الله وسلامه عليه- قد رأى الجنة ونعيمها، كما رأى أكثر من الجنة ونعيمها، فى مسراه- صلوات الله وسلامه عليه- وفى عروجه إلى الملأ الأعلى:

«لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى» (١٨: النجم) قوله تعالى:

«عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً» أي أن هؤلاء الأبرار، يطعمون أطيب المطاعم، ويشربون ألذ وأمرأ المشارب، وهم فى حال اتكاء واسترواح، وبين أيديهم اللؤلؤ المنثور من الغلمان يقومون على خدمتهم، وإذ يفيض عليهم من هذا النعيم، ما تشرق به وجوههم

<<  <  ج: ص:  >  >>