أما أنها ظالمة، فلأنها تتجه إلى الإسلام وحده، دون الشرائع والديانات التي تقول بما يقول به الإسلام فى وصف هذا النعيم..
وأما أنها باطلة، فلأنها تقوم على فهم خاطئ للإنسان، وللوحدة الذاتية، التي ينبغى أن يحتفظ له بها فى الحياة الآخرة.. تلك الوحدة التي تجمع الروح والجسد معا.. فلا يكون الإنسان إنسانا إلا يجسد وروح، ولا يعرف الإنسان السعادة أو الشقاء إلا إذا كان لكلّ من الجسد والروح نصيب مما يسعد به الناس أو يشقون!.
إن أهل الجنة يحملون معهم نفوسا بشريّة، لها رغباتها، ومنازعها، ومن شأن نعيم الجنة، الذي يحقق النعيم الكامل- من شأنه أن يشبع- فى غير ملل- هذه الرغبات وتلك النوازع، وإلا كان نعيما غير كامل..
والله سبحانه وتعالى يقول:«وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ، وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ»
(٣١: فصلت) .
وعلى هذا فإن لنا أن نقول إن نعيم أهل الجنة- هذا النعيم الحسى، الذي جاء فى القرآن، من مطاعم، ومشارب، وملابس، ومساكن- هو نعيم مطلوب للإنسان، لا يتم نعيمه إلا إذا أخذ حظه منه، وهو نعيم خالص من الشوائب، التي تعلق بكل نعيم دنيوى..
ثم إن وراء هذا النعيم الحسى، نعيما روحيّا.. فهناك مسرات الروح التي لا حدود لها.. وإنها لمسرات لا يمكن أن توصف بألفاظ وعبارات، ولا يمكن أن تضبط لها صورة، وغاية ما يمكن أن يقال عنها إنها بهجة النفس ولذة الروح..