إن هؤلاء اليهود الذين يخاطبهم القرآن الكريم لم يقتلوا الأنبياء، ولكنّ القتلة هم آباؤهم.. فكيف يكتب القتل عليهم، ويضاف إلى جرائمهم التي أجرموها؟.
والجواب على هذا- والله أعلم- أن اليهود طبيعة واحدة، لا يختلف خلفهم عن سلفهم فى شىء مما هم عليه من عناد، وكفر بآيات الله، ومكر بآلائه ونعمه.. فهؤلاء الأبناء الذين يخاطبهم القرآن الكريم، هم اليهود الذين خاطبهم داود، وأيوب، ويوسف، وموسى، ويحيى، وعيسى، وغيرهم من أنبياء الله ورسله، وفيهم كل ما فى آبائهم من عناد وكفر، وأنه لو جاءهم نبىّ لهمّوا بقتله، ولو أمكنتهم الفرصة فيه لقتلوه..
فإضافة هذا الجرم إليهم- وهو قتل الأنبياء- هو إضافة لهم إلى آبائهم القتلة، فما مات هؤلاء الآباء، ولا انقطعت من الأرض جرثومة الشرّ التي كانت فيهم، بموتهم، بل هم أحياء فى هؤلاء الأبناء، بكل ما عرف عنهم من سوء وفساد.
وقوله وتعالى:«وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» هو الجزاء المقابل لقولهم «إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ» . فهم قالوا «إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ» ونحن- أي الله- «نَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» فهو قول يقابل قولا.. وشتان بين قول الله وقولهم.. هم قالوا زورا وبهتانا، والله يقول حقّا وعدلا.. هم قالوا أصواتا ضائعة فى الهواء، والله يقول نارا تلظّى، وعذابا سعيرا، يأخذهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
وقوله تعالى:«ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ» ردّ عليهم، وردع لهم إن هم أنكروا هذا العذاب الذي يساق إليهم، أو استفظعوه.. فهذا العذاب