به، والتصديق برسالته، على الصفة التي يجدونها فى التوراة عنه.. فهم ينكرون هذا الذي فى التوراة، ويجيئون بمفتريات من عندهم، ويلقون النبىّ الكريم بقولهم:«إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ» أي إن آية النبىّ التي يريدون أن يعرضها عليهم- كدليل على صدقه- هو أن يقدّم لله قربانا، كبقرة، أو شاة، أو نحوها، ثم يدعوهم إلى أن يشهدوا آية لله فى هذا القربان، وأن نارا من السّماء ستنزل وتأكل هذا القربان، وهم يشهدون.. فإذا جاءهم النبىّ على تلك الصفة آمنوا به، وصدقوه.
وإذ كان ما جاء به «محمد» هو على غير تلك الصفة، فهو ليس بنبىّ، أو ليس- على الأقل- هو النبىّ وعدوا به..
وقد جنّب الله النبىّ الكريم أن يلقى هؤلاء القوم بالمراء والجدل، وأن يردّ فريتهم هذه التي افتروها على الله، وأن يدخل معهم فى أخذ وردّ، فذلك طريق يحبّ أن يسلكه اليهود مع النبىّ، ويودّون أن يستجيب للسير معهم فيه، حيث ينتهى الطريق، ولا محصّل له إلّا ضياع الوقت فى المهاترات والسفسطات. الأمر الذي يريد الله أن يجنّبه النبىّ، ليسلك بدعوته الطريق القويم إلى من يتقبّل الخير، ويعطى أذنه وقلبه لدعوة الحق، وكلمة الحق..
لقد نأى الله بالنبيّ الكريم عن هذا الطريق، ودعاء إلى أن يلقى اليهود بما يقطع حجتهم ويخرس ألسنتهم..
فهم يريدون نبيّا يأتيهم بقربان تأكله النّار، ليصدقوه ويؤمنوا به..
وقد جاءهم أنبياء الله بالآيات البينات، كإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وكفرق البحر بالعصا، وتفجير الماء من الحجر الصّلد بها.. فهل آمنوا بهؤلاء الأنبياء واستجابوا لهم؟ وأكثر من هذا.. فقد جاءهم أنبياء بهذا