كمد وحسرة، حين تفجؤهم الساعة بأحداثها، وحين بقلت من أيديهم الطريق إلى النجاة- جاءت هذه الآيات لتعرض عليهم وجها من وجوه الضلال، فيه مشابه كثيرة منهم، وهو وجه «فرعون» وقد أشرنا فى غير موضع إلى أن القرآن الكريم كثيرا ما يجمع بين هؤلاء المشركين وبين فرعون، إذ كانوا أشبه الناس به، عنادا، واستعلاء، وكبرا.
وقوله تعالى:
«هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى» ..
الخطاب من الله سبحانه وتعالى للنبى- صلوات الله وسلامه عليه- وفيه استدعاء له من هذا الجو الخانق الذي ينفث فيه المشركون سمومهم والذي ترمى فيه أنفاسهم بدخان كثيف من تلك النار المشتعلة فى قلوبهم، كمدا، وغيظا من النبىّ ودعوته.. وفى هذا الخطاب إدناء للنبىّ الكريم من ربه جلّ وعلا، وإيناس له.
والاستفهام، يراد به الخبر.. أي لم يأتك حديث موسى.. فاستمع إليه إذن! وقد جاء الخبر فى صيغة الاستفهام، لما يؤذن به الاستفهام هنا من عظيم اللطف، وكريم الإحسان من الله سبحانه إلى النبىّ الكريم، حتى ليخاطبه مولاه خطاب الحبيب إلى الحبيب، فى رفق، ومودّة، ليقول له:«هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى» ؟ أي أعلمت حديث موسى؟ وأ تريد أن تعلمه؟ ألا، فاستمع!! وفى هذا ما يشير إلى أن ذلك أول ما تلقاه النبىّ من آيات الله، من نبأ موسى وفرعون..
وقوله تعالى:«إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» أي الحديث الذي