هنا كلام كثير محذوف، دلّ عليه المقام، أي فجاء موسى إلى فرعون ودعاه فى رفق ولطف إلى الله، فما كان من فرعون إلا أن ردّ موسى ردّا قبيحا، وأغلظ له القول، ورماه بالكذب والجنون، فلما أراد موسى أن يدفع هذه التّهم عنه، ويثبت لفرعون أنه رسول ربّ العالمين، تحدّاه فرعون بأن يأتى بما يدلّ على أنه رسول من عند الله- «فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى» وهى العصا وانقلابها حية تسعى.. وهى أكبر الآيات التي بين يدى موسى..
هذا بيان لموقف فرعون بعد أن أراه موسى الآية الكبرى.. لقد كذب بما رأى، واتهم موسى بأنه ساحر.. ثم جمع سحرته، ولقى بهم موسى، معلنا فى الناس أنه الرب الأعلى، وأن الرب الذي يدعو إليه موسى، هو رب دونه منزلة وعلوّا.. فهكذا يبلغ الضلال والسّفه بالضالين السفهاء!! وفى قوله تعالى:«ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى» إشارة إلى أنه بعد أن رأى الحية وأفاعيلها، وما أوقعته فى قلبه وقلوب من معه- لبس ثوب الحية، فجعل يسعى فى الناس مهددا متوعدا، باعثا الرعب والفزع فى القلوب، حتى يخرج منها هذا الفزع الذي استولى عليها من حيّة موسى.
قوله تعالى:
«فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى» هذه هو ختام القصة.. لقد انتهت بهزيمة فرعون، وخزيه، وفضح ربوبيته على أعين الناس.. ثم لم يقف الأمر عند هذا، بل أخذه الله بالعذاب