يهتدى بها إلى الحق والخير، حين تظلم شمس العقل، وتختفى فى ظلمات الحيرة، وبين سحب الشكوك والريب.
ولهذا وقع القسم على تلك الحال التي يركب فيها الإنسان غواشى الضلال، وتلقاه على طريقه المزالق والمعاثر:«لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» فلا يكون له مفزع حينئذ إلا فطرته، التي يهتدى بها إلى طريق النجاة، كما يفعل الحيوان فى تصريف أموره، على ما توجهه إليه غريزته.. فإذا افتقد الإنسان فطرته فى هذا الموطن، كان من الهالكين..
وقوله تعالى:
«لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» .
هو جواب لهذه الأقسام المنفية التي لوّح بها، والتي يخفيها النفي، ويظهرها للمقام..
وقوله تعالى:«طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» أي لتتحولن عن حالكم تلك إلى حال أخرى مطابقة لها، حيث تجدون وجودكم فى الآخرة، صادرا عن وجودكم فى الدنيا..
وفى التعبير بالركوب، عن التحول من حال إلى حال، ومن موقف إلى موقف- إشارة إلى أن ذلك لا يكون إلا على طريق شاق، يلاقى فيه الناس الأهول والمخاطر..
إنهم ينتقلون من نهار، كله سعى وعمل، إلى ليل بطل فيه كل سعى وعمل.. وفى الليل يلتقى المهمومون مع همومهم، على حين يتناجى السعداء مع آمالهم وأحلامهم! .. ثم إنهم ينتقلون من الحياة إلى الموت، ثم من الموت