للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحل المشركون من النبي ما أحلّوا- لا يفهم من هذا، أن ذلك بالذي ينقص من قدر هذا البلد، أو يجور على شىء من مكانته، وعلو مقامه.. فهو هو على ما شرفه الله به، ورفع قدره، ولكن رفع الحرمة عن هذا البلد، هو عقاب لهؤلاء المشركين الذين آواهم هذا البلد، وجعله حرما لهم.. فلما استباحوا حرمته، باستباحة حرمة النبي، عرّاهم الله من هذه الخلية الكريمة التي خلعها عليهم البلد الحرام..! ولهذا أقسم الله سبحانه بهذا البلد الذي أبيحت حرمته من المشركين، ووصفه بالبلد الأمين فى قوله تعالى: «وَالتِّينِ، وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ، وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ» .

قوله تعالى:

«وَوالِدٍ وَما وَلَدَ» - معطوف على قوله تعالى: «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ» ..

والمراد بالوالد وما ولد- والله أعلم- هو هذا التوالد الذي يقع بين الناس..

فكل والد، هو مولود، وكل مولود، سيكون والدا، وبهذا، يتصل النسل، وتكثرا المخلوقات، وتعمر الأرض..

وفى عملية التوالد، تتجلى قدرة الخالق جل وعلا، وعلى مسرح هذه العملية مراد فسيح للدراسة، والتأمل، والبحث، وجامعة علم غرير للعلماء والدارسين، ومعلم من معالم الهدى واليقين للمؤمنين والمتوسمين..

وفى نفس القسم بالوالد، وما ولد (وهو الإنسان) - إشارة إلى أن الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى، ورفع قدره على كثير من المخلوقات، كما رفع قدر هذا البلد الأمين على سائر البلدان- هذا الإنسان، قد خلع هذا الثوب الكريم الذي ألبسه الله إياه، وتخّلى عن المعاني الإنسانية الشريفة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>