«وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى» قسم بالليل حين يغشى ظلامه الكائنات، ويغطّى سواده وجه الأرض..
وبدء السورة بهذا القسم- كما قلنا- هو أشبه براية سوداء تحوّم على مواطن ثمود، التي دمدم الله عليها، كما تحوم الغربان على الرمم.. ثم إنه من جهة أخرى، يمثل الجانب الأعظم من جانبى الإنسانية، جانبى الكفر والإيمان، والضلال، والهدى، والظلام والنور.. فأغلب الناس على ضلال، وقليل منهم المهتدون، كما يقول سبحانه:«وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ»(١٠٣: يوسف) وفى التعبير بفعل المستقبل «يغشى» عن ظلام الليل- إشارة إلى أن الظلام عارض دخيل، يعرض للنور الذي هو أصل الوجود، كما يعرض الضلال للفطرة الإنسانية التي خلقها الله تعالى صافية لا شية فيها.