وهذه استعاذة بالله من شر جزئى، من شرور المخلوقات، وهو الشر الذي الذي ينجم من مثيرى الفتن والفلاقل، ومن مهيجى النفوس وإيقاد نار العداوة بين الناس، فتنحلّ بذلك روابط الإخاء بينهم، وتنفك عقد التواصل والتراحم بين المتواصلين والمتراحمين.. وإن أكثر ما يقع بين الناس من شر، وما يقوم بينهم من صراع، هو من حصاد هؤلاء النفاثين فى العقد، من الرجال والنفاثات فيها من النساء، ابتغاء الفتنة، وتمزيق الوحدة، وتشتيت الشمل..
وإذ كانت الكلمة هنا هى الأداة العاملة فى هذا المجال، فى إيغار الصدور، وإثارة النفوس، وبلبلة المشاعر، وتعكير صفو العواطف، بالحديث الكاذب والقلة المفتراة، والشائعة المضللة- فقد نصح الله سبحانه وتعالى لنا، بالاستفادة من شر تلك الأفواه الآثمة التي تنفث سمومها فى العقد الموثّقة بيننا وبين أهلنا، وأصدقائنا، أبناء مجتمعنا الذي نعيش فيه..
والنصيحة هنا ذات شقين: أن نأخذ حذرنا من هؤلاء الساعين بالنميمة، المتنقلين بين الناس بالفتنة، فنحذرهم كما نحذر الحيات والأفاعى، ونعوذ بالله من شرهم، ونستعين به سبحانه على ردّ كيدهم، ودفع أذاهم، والله سبحانه وتعالى يقول:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ»(٦: الحجرات) .. ومن جهة أخرى، نحذر من أنفسنا أن توردنا هذا المورد، وأن تدفع بنا إلى هذا الطريق الذي يلبسنا ثوب الشر الذي يستعاذ بالله منه..
وفى الاستعاذة بالله من النفاثات، استعاذة ضمنية أيضا من النفاثين، إذ