التفسير: فى مقام التوبة، والتنديم على الذنوب والآثام، والرّغب إلى الله، والهرب من المآثم- فى هذا المقام يذكّر الله سبحانه وتعالى بالنساء وما لهن من حقوق، وما فى اهتضام هذه الحقوق والعدوان عليها من إثم يفسد على المؤمنين إيمانهم، ويعرضهم لنقمة الله، وعذاب الله.
فمن ذلك، الالتواء فى معاشرة النساء، وأخذهنّ بالضرّ والأذى، للوصول من وراء ذلك إلى عرض من أعراض الدنيا، بحملهن على شراء الخلاص لأنفسهن بما يريده الأزواج منهن من ثمن.
فقد تكون المرأة غير ذات حظوة عند الرجل، وقد يكون الرجل كارها لها وهى كارهة له، ومع هذا فهو يمسكها، ولا يسرّحها بإحسان، كما أمر الله سبحانه وتعالى:«فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ»(٢٢٩: البقرة) ..
وهذا الإمساك للمرأة والمضارّة لها إنما يبغى الرجل من ورائهما أن تموت وهى فى عصمته، حتى إذا ماتت ورثها. وهذا ما نهى الله عنه، وعدّه عدوانا على المرأة إذ يقول سبحانه:«لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً» .. وقد ينتظر الرجل من وراء هذا الإمساك بالمرأة على كره، أن تخالعه المرأة على ما فى يدها من مهر كان أمهرها إياه، ولا تزال نفسه متطلعة إليه.. وهذا ما ينهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله:«وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ» ..
والعضل الإمساك على الضرّ والأذى.
وقوله تعالى «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» هو استثناء من الإمساك الذي هو من بعض مفاهيم العضل، ففى هذه الحالة، وهى أن تأتى المرأة بفاحشة قامت عليها بيّنة- يجوز أن يمسك الرجل المرأة، تأديبا لها، فهذا الإمساك وإن