ثانيا: بعد هذه القيود التي فرضها الله سبحانه على المحرمات من النساء، ورد حكمان:
الحكم الأول: ما كان من النساء فى ملك الإنسان من الإماء، فإنهن لا عصمة لهن فى أعراضهن لمن ملك ذواتهن.. وكان الأصل أن يعددن فى المحصنات، إذ لم يقع عليهن زواج، بإيجاب وقبول، ومهر وشاهدين، كما هو الشأن فى عقد الزواج مع الحرائر، ولكن لما كانت تلك حالهن، وهذا وضعهن فى الحياة، فقد جاء الاستثناء هنا، ليقرر هذا الواقع الذي يعشن فيه مع من ملكوا رقابهن، وفى هذا يقول الله تعالى:«وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» .
والحكم الثاني: هو إطلاق الإباحة- التي هى الأصل- فى التزوج بين الرجل والمرأة، وذلك بعد تجنب أولئك المحرمات اللاتي ورد ذكرهنّ وفى هذا يقول سبحانه:
«وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ» والابتغاء هو طلب الزواج من أي امرأة غير اللاتي سبق ذكرهن.. والابتغاء لا يكون بالرغبة مجردة، ولكن بالرغبة ومعها المال الذي يصلح مهرا للمرأة المراد التزوج منها، والذي يهيىء لها بعد الزواج حياة صالحة تجد فيها السكن والاستقرار هى وما تثمر الزوجية من ذرية.. وبهذا المال الذي هو رزق من رزق الله ينبغى أن تطلب المرأة التي أحل التزوج بها، وأن يصان عن أن يكون أداة لطلب المتعة من المرأة، على غير ما شرع الله فى الزواج..
وثالثا: يجىء بعد هذا قول الله تعالى: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً» .